الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه اجمعين..
فقد اطلعت على بعض المقاطع لبعض المشايخ ، يقرر فيه المشايخ الفضلاء ترتب ثواب صيام الست من شوال قبل قضاء رمضان..
واستدلوا بادلة نوجزها فيما يلي:
١-قاعدة "النفل المضيق يقدم على الواجب الموسع" وقضا رمضان موسع. والست من شوال مضيق فتقدم على القضاء
٢-ان ستا من شوال خرج مخرج الغالب
٣-ان من افطر لعذر كان كمن صام فيصدق عليه انه صام رمضان استدلالا بحديث اذا مرض العبد او سافر كتب له ما كان يعمل صحيحا مقيما"
٤-حديث عائشة "تكون علي الايام من رمضان فلا استطيع اقضيها الا في شعبان"
٥-ان القول المانع يحرم النساء وغيرها من هذا الاجر
وهنا وقفات
المسالة لا خلاف فيها.
ذكر بعض المشايخ ان المسالة مختلف فيها، والصحيح انه ليس هناك خلاف في المسالة ولا يوجد نص من اهل العلم صريح ان من صام الست قبل قضا رمضان يستحق الثواب المذكور وذلك حسب علمي واطلاعي وانما كل من تكلم على هذه المسالة يذكر انه لايستحق ذلك الثواب لان الاجر مترتب على صيام رمضان ، بل ابعد من ذلك تجد بعض العلماء يذكر انه يستحب صيام الست ولو كان قبل قضا رمضان الا انه يصرح انه لا يستحق ذلك الثواب كما ذكره بعض علماء الشافعية ، وعموما المسالة ليس فيها خلاف كما يبدو لي والله اعلم.. ومن عنده نص من اهل العلم المتقدمين فليفدنا بذلك وجزاه الله خيرا، حتى ان ابن رجب ذكر ان العماء على قولين في جواز صيام التطوع قبل القضا فالذين لم يجوزوه فالامر فيه واضح انه لا يستحق الاجر واما الذين جوزوه قال ابن رجب وعلى قول هؤلاء فهو لا يستحق الاجر ايضا".! وهذا النقل يشبه نقل الاتفاق . وايضا ابن رجب عرف عنه موسوعيته في نقل الخلاف فلو كان هناك خلاف لنقله ، وهذا القول الذي يقول انه لابد من صيام القضاء اولا هو قول ابن باز والالباني وابن عثيمين رحمهم الله.. والله اعلم.
وقد ذكر شيخ الإسلام منع إحداث قول جديد لم يقل به أحد.
ونحن نقول هل هناك من قال بهذا المفهوم؟
وقفة،،،،،
النفل المضيق يقدم ع الواجب الموسع .!
وهذا قول لا اعلم حسب علمي القاصر ان احد تكلم بهذه القاعدة وانما يتطرقون في العادة الى جواز التطوع اذا كان الواجب موسعا قبل ادائه وقضائه ( مثال : صيام النفل المقيد كصيام عرفه وعاشوراء قبل صيام القضاء) كما ذكره ابن رجب وهذه مسالة اخرى ، والراجح جواز التنفل قبل قضا الفرض الموسع لكن الكلام ع ترتب ثواب مخصوص في مسالة مخصوصة ، وهذا ما حصل من بعض طلبة العلم من خلط بين المسالتين فيذكر بعضهم مسألة استحقاق الصائم الست من شوال للثواب الذي في الحديث ثم يذكر خلاف العلماء في مسالة هل يجوز التطوع قبل قضا الفرض او لا .!وقد مر معنا ان هناك من العلماء من يذكر جواز ذلك اي تقديم الست على القضاء الا انه يصرح انه لا يستحق ذلك الثواب فليس استحقاق الثواب مترتب على جواز الفعل
وقفة،،،،،
شوال خرج مخرج الغالب.
وهذا ذكرته استطرادا لان بعضهم جعل ايقاع الست في غير شوال لغير عذر مجزء
وهذا قول بعيد لان ما خرج مخرج الغالب انما يقال فيما كان يتعامل به الناس غالبا فياتي النص مراعيا هذه الحيثية فيقال له خرج مخرج الغالب وذلك كقول النبي في الجنازة اذا احتملها الرجال ...." ، فالرجال هنا خرج مخرج الغالب لان الغالب ان الذي يحملها هم الرجال وكقوله "فليستجمر بثلاثة احجار" خرج مخرج الغالب لان الغالب انهم يستجمرون بها او كقول لايغتسل احدكم في الماء الدائم وهو جنب ان الجنب خرج مخرج الغالب لان غالب غسل الناس للجنابة كقول بن عثيمين ، فاذا تبين ذلك فلايكون لهذه القاعدة وجود في مسالتنا لان صيام ست شوال تشريع جديد لم يسبق بغالب عمل
تنبيه.....
نبهني احد اخواني جزاه الله خيرا
ان بعضهم يقصد بخرج مخرج الغالب ان غالب الناس يصوم رمضان كاملا فخرج اللفظ مراعيا هذا الغالب فلا يكون له مفهوما .!
وهذا بعيد ايضا ، لانه ليس غالب الناس يصومون رمضان كاملا ، فالنساء هم اكثر عدد من الرجال ومع ذلك غالبهم يكون له عذر واذا ضم لذلك من يفطر بالمرض ومن يفطر للسفر ومن يفطر لاعذار اخرى تبين ان غالب الناس لا يصومون رمضان كاملا ،
وثانيا ان "ما خرج مخرج الغالب" بهذا المفهوم اي ان المقصود به ان غالب الناس يصومونه كاملا لا يتاتى هذا المفهوم لان قاعدة "خرج مخرج الغالب" لو افترضنا في مثل هذا الاسلوب انما ينصرف لرمضان نفسه لا الى عدده ، كما جاء الشارع بالامر بثلاث مسحات بالاحجار فالذين قالوا خرج مخرج الغالب انما صرفوه للحجر نفسه لا الى عدده ولذلك اشترطوا العدد ولم يشترطوا الحجر ، فحديث النبي لما يقول "من صام رمضان" اي من صام رمضان كاملا ، فلو افترضنا ان هناك غالب لتطبيق قاعدة خرج مخرج الغالب لجعلناه في "لفظ رمضان "نفسه فقلنا لفظ رمضان خرج مخرج الغالب لان غالب الناس انما يصومون شهر رمضان فمن صام شهرا غير رمضان استحق هذا الاجر ، لا ان يجعل خرج مخرج الغالب عائد على عدد ايام الصيام ،( ولو صح حمله على بعض المفاهيم ) لحملناه على مفهوم العدد ، ( وهو مفهوم ضعيف ) كما حمل ثلاث مسحات في الاستجمار الا انه ايضا لا يتاتى هنا هذا المفهوم لان بعض الاوصاف المناسبة للتشريع تمنع بعض المفاهيم ، فست من شوال انما هي حريم بعدي لرمضان كما قال ابن رجب وما كان حريم للشي فلا يتقدم عليه والا بطلت المناسبة والحكمة من اصلها ، فمثله مثل من يصلي السنة البعدية للظهر قبل صلاة الظهر نفسها..
ما اتحد جنسه واجزاؤه،،،،،،
وبعضهم جعل "من صام رمضان" ان المقصود ( غالب رمضان ) وافطر بعضه لعذر ، كقول "من قام الليل " فيصدق عليه ذلك لو قام اغلب الليل ، وهذا بعيد ايضا وقد فرق شيخ الاسلام في الدلالات بين ما تحد جنسه واجزاؤه كالليل والنهار وبين ما لم يتحد وكان كافراد العموم كالايام فما اتحد جنسه يكفي فيه اغلبه او شي منه وما لم يتحد فيدخل ضمن العموم لابد منه كاملا..
وقفة،،،،،
القول بان من افطر لعذر فهو كمن صام رمضان
فيصدق عليه انه صام رمضان.! استدلالا بحديث "اذا مرض العبد او سافر كتب له ما كان يعمل صحيحا مقيما" وهذا لم يقل به احد حسب علمي .! ولعل ذلك سبق لسان فان لفظ السفر في الحديث المراد به كما ذكره اهل العلم النوافل والاكثر من العلماء يخصون ذلك بالسنن الرواتب ، واما لفظ المرض فهذا اشارة الى كل ما عجز عنه الانسان وشق عليه كمن يصلي قائما ثم مرض فصلى جالسا او كمن كان يعمل سنة مخصوصة ثم مرض فانه يكتب له ذلك، ولكن مسالتنا مختلفة تماما وهي ترخيص من الشارع بان يفطر ثم يجب عليه ان يقضيه في ايام اخر او كمن كان نائما ففاتته صلاة فهؤلاء لا يقال فيهم انهم كتب لهم اجرهم وانما عليهم في الذمة ان ياتوا بهذه الواجبات ، فما رخص فيه الشارع من ترك الواجبات ثم امر بالاتيان به فهذا لا خلاف انه لا يقال له انه كتب له اجر ذلك العمل لان الشارع اصلا قد رحمه فخفف عليه بان يترك الواجب في زمن معين ثم اوجب عليه ان ياتي به في زمن اخر.
فلا يدخل اذن في ذلك ما رخص فيه الشارع ثم امر بقضائه في وقت اخر فهذا لاخلاف فيه انه لايدخل تحت اذا مرض العبد او سافر بل حتى مالم يامر الشارع بقضائه واسقطه رخصة فلا يكتب له اجر ذلك العمل فيكفي التخفيف الذي حصل له بذلك ولذلك لما اسقط عن النساء الحيض الصلاة وهي لا تقضى والصوم وهو يقضى ذكر انهن ناقصات عقل ودين ولو كان يكتب لها اجرها لم تكن ناقصة دين ، ولذلك بعض المشايخ الذين قالوا بمثل هذا القول اشترطوا لحصول الثواب ان يقضي رمضان فان لم يقضه فلا اجر له ، فوجب التنبيه .
والراجح ان ما رخص فيه الشارع واسقطه لا يكتب له اجره فيكفي التخفيف الذي حصل له بذلك
وقفة،،،،،
حديث عائشة رضي الله عنها
انها كانت تكون علي الايام من..." وهذا مطلق والمطلق يكفي في حصوله مرة واحدة ، فلا يفهم ان صيامها مع النبي كان كذلك فاللفظ لا يدل علي ذلك ، فانه لوحصل لها ذلك مرة واحدة لكان تعبيرها بذلك صحيحا كقولها كنت اطيب النبي لحجه وهذا لم يحصل الا مرة واحدة ومسالتنا اخف من هذه المسالة لانه ليس فيها القاعدة المعروفة وهي "كان والفعل المضارع بعدها " كما هو معروف في كتب اصول الفقه وانما تقول كان يكون علي الصوم من رمضان .." وهذا قد يكون سنة او سنتين او ثلاث او غيرها كل ذلك يصدق عليها قولها والاكيد انه يصدق في واحدة والباقي مشكوك فيه فيعمل باليقين
والامر الاخر لو فرضنا ان قولها هذا يشمل كل الرمضانات في حياة النبي وانها تقصد كل سنة لم يصح الاستدلال بذلك لان ذلك الاستدلال مشروط بان عائشة كانت تصوم الست وهذا لا نعلمه عنها!
وربما انها لم تكن تعتقد فضيلتها فبعض الصحابة كان لا يصوم عاشورا كابن مسعود وابن عمر وهذا اظهر في السنية من ست من شوال فالمقصد ان صحة ذلك الاستدلال متوقف على معرفة افضلية الست عند عائشة على اقل الاحتمالات واذا تم ذلك فان ذلك ايضا متوقف على معرفة ان عائشة كانت تصومها لان بعض الصحابة كان يعتقد افضلية الشي ولا يفعله لامور لاتخفى على طالب العلم كما جاء ابن مسعود انه كان لا يصوم لانه يضعفه عن قراءة القران وكما كان ابو طلحة لا يصوم لانه كان يجاهد فلما لم يجاهد يقول انس فكنا لا نراه الاصائما وبمثل هذه الحاجات والمصالح كانت عائشة تؤخر قضاء رمضان وكما قال الشيخ ابن باز اذا كانت عايشة توخر قضاء الفرض للحاجة الا توخر الست من شوال من باب اولى.!
وقفة،،،،،
القول بان هذا القول يحرم كثير من النساء هذا الاجر المذكور في الحديث..
الحرمان يكمن في المفرط اما الذي بذل وسعه فيكتب له الاجر كاملا ولو لم يصم الست وهذا يدخل في حديث" ان بالمدينة اقوام ماقطعتم واديا الا شاركوكم في الاجر حبسهم العذر" وكذا يدخل في حديث " اذا خرج العبد يقضي فريضة الله فوجدهم قد خرجوا من المسجد كتب له اجره كاملا" وهذا على قول ان الست من شوال لا تقضى اذا كان لعذر ، فان من اهل العلم من قال اذا كان تاخيرها لعذر جاز قضاوها كقول عند الشافعية وابن عثيمين فعلى كلا القولين لم تحرم النساء الاجر فاما يكتب لها اجرها كاملا او تقضيه .!
وقفة،،،،،
فتاوى عن بعض الصحابة في تقديم القضاء على النفل المقيد ان صح التعبير كما جا عن ابي هريرة قال له رجل " اصوم العشر وعلي قضاء فقال لا ولماذا؟ صم القضا ثم تطوع بما شئت ".وجا عن سعيد بن المسيب كما في البخاري انه كره ذلك".
فهؤلاء الصحابة والتابعون افتوا بذلك في العشر ومثله كما لا يخفى الست شوال بل الذي ورد عن الصحابة في افضلية صيام العشر اكثر واقوى من الست حتى كان عمر يؤخر قضاء رمضان الى العشر لفضيلة الصيام فيها ، بل الست لا اعرف انه ورد عنهم فيها شيئا بل الخلاف بين العلماء في صومها موجود. واما العشر واستحباب صومها فهو عمل الصحابة والتابعين ولا خلاف فيه عندهم . فاذا قدمو القضاء بل امروا به على صيامها مع افضليتها عندهم ومع كونها مقيدة ان صح التعبير فهذا يدل على ان القضاء في مذهب الصحابة مقدم على النفل وان كان هذا النفل مستحبا بشده ومقيدا كالعشر من ذي الحجة ومثلها الست
وقفة،،،،،
والبحث ليس فقط مقتصراً على هل يحصل ثواب ستا من شوال...." بل لا بد ان يضم مع ذلك ايهما افضل او ايهما السنة تقديم القضا ام التطوع ؟ فاذا رجعنا لفتاوى الصحابة والتابعين والعلما وجدناهم يقدمون القضا على التطوع فهو اذن السنة وهو الافضل واذا كان هو السنة فان فعل السنة افضل واعظم من فعل التطوع ولو عظم اجر التطوع ، فالذي يصلي في الحرم له مائة الف صلاة والذي يصلي في بيته له صلاة واحدة لكن لما كانت السنة فعل التطوع في البيت كان فعلها فيه اعظم من فعلها في الحرم مع تضاعف الصلاة وعلى هذا فلو صح ان الذي يقدم الست على القضا له الاجر المذكور الا ان فعل السنة الذي افتى به الصحابة والتابعون اعظم اجرا وارفع درجة من ثواب الست ، فمن الخطا ان نوصي الصيام بالست ونحن نعلم ان الناس انما يريدون الاجر الاعظم والاكثر ويريدون اتباع السنة وهذا يكمن في تقديم القضا لا في تقديم الست من شوال
وقفة،،،،،
دين الله احق..
قال النبي فدين الله احق بالقضاء . وهذه قاعدة نبوية عظيمة تبين ان قضاءرمضان احق من كل تطوع....
وقفة،،،،،
إشكال .......
من افطر رمضان كله لعذر هل يصوم الست وهو لم يصم يوما واحدا لانه افطر لعذر ومن افطر لعذر فكأنه صام رمضان .! او يقال يصوم من شوال يوما واحدا قضاء ثم يصوم الست .! وكلا القولين ظاهر الفساد .! واما ع القول الراجح فانه اما ان يقال يكتب له اجره كاملا اذا كانت هذه عادته وكان عازماعلى صومها او يقال صم رمضان قضاء ثم اقض الست بعده ولو كان في غير شوال كما ذكره بعض العلماء ورجحه ابن عثيمين ، وعلى كلا القولين يكتب له اجر الست من شوال فليس ثم اشكال وليس ثم وقوع في مخالفة حديث النبي الذي شرط صوم رمضان قبل الست ، وايضا ليس ثم تأويلات متكلفة لحديث النبي صلى الله عليه وسلم
والله اعلم
وجزى الله خيرا من شارك في التصحيح وابداء الملاحظات
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق