الأربعاء، 16 أغسطس 2017

[موت الشيخ وليد العلي وفهد الحسيني -رحمهما الله- في سطور]

[موت الشيخ وليد العلي وفهد الحسيني -رحمهما الله- في سطور]
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم تسليما مزيدا..
لقد فُجعنا حقا بموت الشيخين رحمهما الله وتغمدهما ربي بواسع فضله ومنه وكرمه..
وليس بيني وبين الشيخين علاقة تذكر ، ولكنها غصة ما زالت تتردد .... فرأيت من الوفاء أن أشارك بشيء لعل فيه فائدة..
 
١-البلاء من الله.! "وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ". 
فالذي يبتلي عبده هو الله وحده..
فالبلاء اذن من أحكم الحاكمين ، وأرحم الراحمين ، وابتلاؤه خير ورحمة..
قال النبي صلى الله عليه وسلم: "عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير ، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن ؛ إن أصابته سرّاء شكر ؛ فكان خيراً له ، وإن أصابته ضرّاء صبر ؛ فكان خيراً له".

٢-فقد الصالحين من أهل السنة والجماعة مصيبة وكان أيوب السختياني يقول: "إني لأسمع بموت الرجل من أهل السنة فكأني فقدت عضوا من أعضائي"..
قال عبد العزيز السدحان:
"عندما بلغ الشيخَ ناصر خبرُ موت الشيخ ابن باز لم يتمالك نفسَه من البكاء ، فدمعت عيناه دمعات حارة ، وتكلم عنه بكلمات رقيقة بارَّة ، و قال :إنّا لله و إنّاإليه راجعون ، اللهم أجرني في مصيبتي و اخلفني خيرًا منها ، رحمه الله رحمةً واسعة، و جزاه عن الإسلام و المسلمين خيرا، 

كل ابن أنثى و إن طال سلامتُه .. يومًا على آلة حدباء محمولُ 

لقد كان الشيخ عبدالعزيز من خيرة العلماء ، نسأل الله تعالى أن يجعل مأواه الجنة ، و لو أن هذه الحياة دامت لأحد لدامت للمصطفى صلوات الله وسلامه عليه ، رحمه الله و ألحقنا و إياه بالصالحين))

((الإمام الألباني)) (ص٢٦٢) 


٣-إذا أُصبتَ بفقد حبيب فتذكر دائما وأبدا مصيبتك بموت حبيبك (محمد صلى الله عليه وسلم) فإنها أعظم المصائب وأجلُّها قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا أصيب أحدكم بمصيبة فليذكر مصيبته بي فإنها أعظم المصائب".
قال ابن عبد البر: "صدق صلى الله عليه وسلم لأن المصيبة به أعظم من كل مصيبة يصاب بها المسلم بعده إلى يوم القيامة ، انقطع الوحي وماتت النبوة".!

٤-اطفاء نار المصيبة ببرد التأسي بأهل المصائب فتذكر كيف قُتل عمر بضربة مسمومة نفذت إلى باطنه فمزقت أحشائه حتى خرج اللبن مع مخرج الدم..
ودخل أهل الغدر والخيانة على عثمان وهو يقرأ القرآن تعلوه المهابة فهابو أن يقتلوه حتى تقدم أحدهم فهوى بسيفه عليه فاتقاها بيده فقطعت أصابعه ، ومن ثَمَّ تهاوت عليه سيوف الخزي والعار وهو يقرأ كتاب الله.!
قال حسان بن ثابت:
[ضحوا بأشمط عنوان السجود له..يقطِّع الليل تسبيحا وقرآنا].
وقُتل علي ابن أبي طالب وهو خارج إلى المسجد فضربه أشقى الناس على رأسه حتى سالت منها لحيته ..

٥-الإيمان بالقضاء والقدر ، وأنه كائن لا محالة ، وأنه لو اجتمع الخلق على أن يدفعوه ما استطاعوا والله لذلك سبيلا..
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوكإلا بشيء قد كتبه الله لك ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف".

٦-توطين النفس على الصبر فيما يقدره الله على العبد ، وأن يقول "إنا لله وإنا إليه راجعون" قال تعالى جلَّ جلاله {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} فأي نعمة أعظم من أن يصلي عليك ربك ويصيبك برحمته ويهديك؟!
لما مات ولدٌ لعبد الله ابن مطرف قال: "والله لو أن الدنيا وما فيها لي فأخذها الله عز وجل مني ثم وعدني عليها شربة من ماء لرأيتها لتلك الشربة أهلاً , فكيف بالصلاة والرحمة والهدى".!
وقال تعالى سبحانه: { إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ }

٧-الرضا بقضاء الله وقدره ، فإن الرضى من أعلى منازل الصابرين ، وأعظم درجات المقربين ، فلا تحرم أخي نفسك من هذا الكنز العظيم..
قال الله تعالى : { مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ يَهْدِ قَلْبَهُ }  قال علقمة: هي المصيبة تصيبُ الرَّجلَ ، فيعلم أنَّها من عند الله ، فيسلِّمُ لها ويرضى "
[ فإذا هدى الله قلبك فلن يعرف الشقاء إليه سبيلا ].!
حتى قال عمر بن عبد العزيز: " أصبحت ومالي سرورٌ إلا في مواضع القضاء والقدر ".!

٨-سرعة انقضاء الدنيا وزوالها فلا تعلق قلبك فيها ، وقد ضرب الله مثلا لذلك فقال تعالى جل جلاله وتقدست أسماؤه {( حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الأرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }
وعن عبد الله بن عمرو، قال: مر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أطين حائطا لي أنا وأمي، فقال: «ما هذا يا عبد الله؟» فقلت: يا رسول الله شيء أصلحه، فقال: «الأمر أسرع من ذلك» أخرجه أبو داود.
حكمُ المنيَّة في البريَّة جارِ..ما هذه الدنيا بدار قرارِ
بينا يُرى الانسانُ فيها مخبراً..حتى يُرى خبراً من الاخبار

٩-الموت يأتي فجأة فاحذر أن يأتيك الموت وأنت على حال لا لا يرضاها الله ، فتتمنى أن تعود لتعمل صالحا كما قال تعالى {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}

١٠-أرواحنا ودائع ولابد أن تُرد الودائع ، فمن لم يمت اليوم مات غدا ، ولا يبقى إلا الله جلَّ جلاله وتقدست أسماؤه {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ, وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ} 
وكما قال الحسن: عجبت من ابن آدم يفرح بغد وغد يقربه إلى القبر"
ولما قيل للحسن فلان في النزع ، قال الحسن وما النزع ؟! قال: قرب الموت. قال الحسن: هو في ذلك منذ خُلِق"

١١-من جد واجتهد فيما يرضي الله = وفَّقَه الله لأحب الأعمال إليه ثم قبضه على ذلك ، وهذا ما حصل للشيخين (إن شاء الله) نحسبهم كذلك ولا نزكيهم على الله (والله حسيبهم) ، فإنهم قد خرجوا يدعون إلى الله ، ويُدخِلون الناسَ في دين الله ، يساعدون المحتاجين ، ويعلمونهم أمر الدين ، فهل هذه إلا أعمال الأنبياء والصالحين؟! وهل تتمنى أن تموت على حال غير هذه الحال؟! 
قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا أراد الله بعبد خيرا عسله ،، قالوا : يا رسول الله ، وما عسله ؟ قال : « يوفقه لعمل صالح ثم قبضه عليه"..
وهذا دليل على حسن الخاتمة..

١٢-ومن حسن الخاتمة لهذين الشيخين أنهما ماتا في غربة في بلد غير بلدهما وقد قال عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: مَاتَ رَجُلٌ بِالْمَدِينَةِ مِمَّنْ وُلِدَ بِهَا، فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ: «يَا لَيْتَهُ مَاتَ بِغَيْرِ مَوْلِدِهِ»، قَالُوا: وَلِمَ ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا مَاتَ بِغَيْرِ مَوْلِدِهِ، قِيسَ لَهُ مِنْ مَوْلِدِهِ إِلَى مُنْقَطَعِ أَثَرِهِ فِي الْجَنَّةِ»حسنه الألباني.
وهذا يذكرني بما حصل للرجل الصالح نحسبه كذلك ولانزكيه على الله (عبد الرحمن عبد الصمد) فكان يذكر هذا الحديث ويقول لو أن إنسانا ذهب من الكويت إلى استراليا (يدعو إلى الله) ثم مات هناك لحُسبت له هذه المسافة ، ثم يقدر الله أن يسافر الشيخ رحمه الله إلى استراليا بطلب من المركز الإسلامي هناك للدعوة ويقدر الله أن يموت الشيخ في تلك السفرة وهو في استراليا.! ويقال أن موته كان مدبرا من الصوفية .!
فما أشبه الشيخ وليد وصاحبه فهد بالشيخ عبد الرحمن ، صلحت نياتهم ، وزكت نفوسهم ، وعلت هممهم (نحسبهم كذلك ولا نزكيهم على الله ، والله حسيبهم) فأسأل الله أن يكون قد اختارهم  في جواره وأسكنهم فسيح جناته إكراما منه أن تلوثهم هذه الدنيا..
 ١٣-ومما يفرح الإنسان أن ترى الناس بعد هذا الحدث الأليم تلهج بذكر أهل السنة ، والقلوب تهفو إليهم ، وتترحم وتثني عليهم ، وتمجد أعمالهم = مما يكون في هذا إظهار للسنة وأن أعمالهم ومواقفهم هي المواقف المشرفة والأعمال النيرة العظيمة التي تنفع البلاد والعباد لا كأعمال أهل البدع والفسق والفجور .!
قال عبدالوهاب الوراق "أظهَر الناس في جنازة أحمد بن حنبل السنة، والطعن على أهل البدع، فسَرَّ الله المسلمين بذلك على ما عندهم من المصيبة، لما رأوا من العز وعلو الإسلام وكبت أهل الزيغ".
١٤-على الإنسان أن يستعد للموت بأن لا يكل ولا يمل من فعل الخير ، فإنه لا يدري متى يأتي الموت..
 قال لقمان لابنه: ( يا بني أمرٌ لا تدري متى يلقاك استعد له قبل أن يفجأك ).

١٥-الدعاء لهم ، والصدقات عنهم ؛ فإن هذا من علامة صدق المحبة والأخوة ، قال أحمد بن حنبل: من أربعين سنة وأنا أدعو للشافعي في صلاتي.!

١٦-أنبه عليه لأهميته وهو: أن الإنسان من أمة محمد مهما ( بلغت رتبته ، وعلت منزلته ) فهو محتاج للدعاء دون انقطاع ، فلا يخدعنك الشيطان بما عليه الميت من طيب الحال ، وكثرة الثناء عليه والسؤال = فيُضعِف الشيطان الدعاء في قلبك له ، فتحقق ما أراده الشيطان منك..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق