بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم تسليما مزيدا. أما بعد:
التحقيق في رواية جعل التسليم في آخر الوتر بثلاث ركعات موصولة من حديث "أبي بن كعب":
هناك روايتان :
الرواية الأولى:رواية سعيد ابن أبي عروبة والخلاف عليه.
فهذا بحث مختصر متعلق فقط برواية سعيد ابن أبي عروبة والاختلاف عليه من حيث تحقيق ثبوت التسليم في آخر صلاة الوتر بثلاث ركعات موصولة.
شذوذ رواية عبد العزيز بن خالد:
(مقدمة : سوف نتفق على أن عبد العزيز بن خالد حسن الحديث وصدوق ، حتى نختصر الحديث لأنه مر البحث من المشايخ في حاله ، فنقول أنه صدوق حتى لانعيد الكلام في حاله ويطول ، وكذلك من خالفه من الثقات لن نذكر ثناء العلماء عليهم وتوثيقهم ، وإنما سوف نذكر كلامهم فيهم من حيث روايتهم عن ابن أبي عروبة واختصاصهم به لأنها متعلقة بالبحث أصالة وذلك لحال اختلاط ابن أبي عروبة)
وذلك من ثلاث جهات:
الجهة الأولى: دراسة الإسناد.
مختصر لرواية "جعل التسليم في اخر الثلاث في الوتر"
دراسة فقط في اختلاف الرواة على سعيد ابن أبي عروبة:
رواية سعيد ابن أبي عروبة والتي فيها "جعل التسليم في اخرها" رواها عنه (٥) :
الراوية الاولى: بذكر الشاهد (التسليم في اخرها)
لم يذكرها الا عبد العزيز بن خالد عنه(سنن النسائي ، (٢٥٢/١)
الرواية الثانية: بدون ذكر الشاهد (التسليم في اخرها)
رواها (٤):
١-عبد العزيز بن عبد الصمد(سنن النسائي ، (٢٥١/٣)
٢-عيسى بن يونس(سنن النسائي ، (٢٣٥/٣)
٣-محمد بن بشر(سنن النسائي ، (٢٧٣/٩)
٤-يزيد ابن زريع (معجم الصحابة للبغوي ، (٤٦٧/٤)
[حال تفرد عبد العزيز بالروايات عموما وفي روايتنا خصوصا]
عبد العزيز بن خالد والذي روى الشاهد تفرد برواية الشاهد من هذا الطريق الذي نتدارسه ، وهو فيه ضعف لا يختلف في ذلك وليس من اهل الاعتماد ، بل مثل حالة عبد العزيز لو تفرد برواية ولم يخالفه أحد لكان تفرده موضع ريبة عند النقاد وشك ، لأن أحسن أحواله أن يكون حديثه في انزل مراتب الحسن لأن الصدوق أو حسن الحديث مراتب ولابد من معرفتها فبعضها ينزل إلى يقرب من الضعيف وهذا كحال راوينا عبد العزيز ، وبعضهم يرتفع الى أن يقرب من الصحة ، فكيف وقد خالفه أربعة من الثقات الواحد منهم لو خالفه عبد العزيز بن خالد لقُدم عليه وقُدمت روايته ، فكيف إذا اجتمعوا على مخالفته
كيف وفيهم يزيد ابن زريع المُقدَّم في ابن أبي عروبة وسوف تأتي النقولات في ثناء الأئمة عليه ، ومحمد ابن بشر فقد سئل أبو داود عن روايته عن ابن ابي عروبة فقال"هو احفظ من كان بالكوفة"
وسوف أنقل كلام للحافظ ابن حجر (يتكلم على ما كان حاله احسن من حال صاحبنا عبد العزيز) من حيث تفرد الصدوق بدون مخالفة ، وكذا إذا خالف.
قال الحافظ في النكت:
" فالصدوق إذا تفرد بشيء لا متابع له ولا شاهد ولم يكن عنده من الضبط ما يشترط في حد الصحيح والحسن، فهذا أحد قسمي الشاذ فإن خولف من هذه صفته مع ذلك كان أشد في شذوذه، وربما سماه بعضهم منكرا"(٦٧٤/٢)
فذكر الحافظ شروط سوف نرى هل تنطبق على عبد العزيز:
الشرط الاول: لا متابع له.
فعبد العزيز هنا لا متابع له عن ابن ابي عروبة ،
الشرط الثاني: لا شاهد له
وعبد العزيز لا شاهد له لان الشاهد الآخر سوف تتم دراسته ويتبين شذوذه.
الشرط الثالث: ولم يكن عنده من الضبط.
وهذا لا يختلف فيه أنه حال عبد العزيز
ولاشك ان عبد العزيز لو تفرد لوجب التوقف والنظر في روايته ، فكيف إذا خالف الثقات
وكان الذهبي يقول "وربما عدوا تفرد الصدوق منكرا" فكيف اذا خالف
ويقول الحافظ في راوي هو حسن الحديث لكنه احسن حالا من عبد العزيز وهو محمد بن اسحاق يقول "محمد بن اسحاق حسن الحديث الا انه لا يحتج به إذا خولف"
فالعلماء المتقدمون وكذلك المتاخرون على ان الصدوق اذا خالف الثقات لايحتج بروايته
بل ابعد من ذلك ان كثير من المحدثين ربما توقفوا في تفردات الثقات يقول الحافظ ابن رجب: "وانفراد الراوي بالحديث، وإن كان ثقة، هو علة في الحديث يوجب التوقف فيه، وأن يكون شاذاً ومنكراً، إذا لم يرو معناه من وجه يصح ، وهذه طريقة أئمة الحديث المتقدمين كالإمام أحمد، ويحيى القطان، ويحيى بن معين، وعلي بن المديني وغيره"
فكيف بتفرد الصدوق ، بل كيف بتفرد من هو في اقل مراتب الصدق ، بل كيف بمخالفة مثل هذا للثقات ؟!
وليس الكلام على التفرد وانواعه لكي لا يتفرع الكلام وانما ذكرت هذا لنصل لحالة صاحبنا عبد العزيز وكيف تكون روايته عند المحدثين من حيث القبول والرد وخاصة عند المخالفة
الجهة الثانية: تعليل النسائي لروايته بالمخالفة
وهذه يستأنس بها وإن لم تكن قاعدة مطردة لكنها تقوى إذا نبه النسائي على المخالفة وكان حال الراوي فيه ضعف ، وكرر التنبيه على المخالفة في كذا موطن
ذكر ابن رجب أن منهج النسائي في التعليل ، أنه يبدأ بالحديث المعلول ثم يتبعه بالحديث صحيح الرواية
قال الحافظ ابن رجب في شرح علل الترمذي: "تجد النسائي إذا استوعب طرق الحديث، بدأ بما هو غلط، ثم يذكر بعد ذلك الصواب المخالف له"
ولننظر في روايتنا هذه
قال النسائي في (( السنن الكبرى )): "كيف الوتر بثلاث"
ثم ساق رواية عبد العزيز ، وقال في آخر الرواية "وخالفه عبد العزيز بن عبد الصمد" ثم ساق رواية عبد العزيز بن عبد الصمد.(٢٥٢/١)
وفعل نفس الشي في موطن آخر من السنن الكبرى بدأ بالرواية المعلولة إلا أنه زاد راو آخر وهو محمد بن بشر:
"الإختلاف على سعيد بن أبي عروبة
أخبرنا يحيى بن موسى قال حدثنا عبد العزيز بن خالد...."
فبدأ بذكر الرواية المعلولة ثم قال بعدها: "خالفه عبد العزيز بن عبد الصمد ومحمد بن (بشر)
أخبرنا محمد بن المثنى قال حدثنا عبد العزيز بن عبد الصمد...."(٢٧٢/٩)
فرحم الله الحافظ ابن رجب ما ما أدقه.
وكما قلنا أنها قاعدة تفيد الباحث خاصة إذا خالف الصدوق الثقات ، فتبين أن رواية عبد العزيز بن خالد غلط .
الجهة الثالثة: حال الرواة في روايتهم عن سعيد ابن ابي عروبة.
سعيد ابن ابي عروبة قد اختلط واطبق المحدثون على ذلك.
فلا يصح حديث الرواة عنه إلا بشرط أن يتبين أنه سمع منه قبل الاختلاط. فمن جهلت حالته هل سمع منه قبل أو بعد الاختلاط تُوقف في روايته ، بل من ثبت أنه سمع منه قبل الاختلاط وبعده أيضا تُوقف في حديثه ، لأنا لاندري هل الحديث هذا أخذه منه قبل أم بعد وهذا كحال رواية حماد بن سلمة عنه
لذلك اجتهد النقاد قديما وحديثا في تعداد الرواة الذين سمعوا من ابن أبي عروبة قبل الاختلاط.
وقال أحمد بن حنبل: "من سمع منه قبل الهزيمة، فسماعه جيد"(سير الأعلام ، (٤١٥/٦)
قال أحمد: "قال أبي ومن سمع من سعيد بن أبي عروبة قبل الهزيمة فسماعه جيد ومن سمع بعد الهزيمة كان أبي ضعفهم" (العلل ، (١٦٣/١)
قال النسائي: " سعيد بن إياس الجريري من سمع منه بعد الاختلاط فليس بشيء وكذلك بن أبي عروبة"(الضعفاء والتروكون ، (ص٥٣).
قال البزار: لا نعلم له طريقا غير هذا، ومنصور لا أدري سمع من عطاء قبل اختلاطه أو بعده"(اتحاف الخيرة ، (٣٧٧/٥)
قال ابن عدي : "اختلط فمن سمع منه قبل الاختلاطفحديثه مستقيم حجة"(الكامل ، ٤٤٦/٤)
قال ابن رجب: "اختلط في آخر عمره"(شرح العلل (٧٤٣/٢)
وقال الألباني: "وسائر الأئمة الذين حرصوا أشد الحرص على معرفة الرواة الذين سمعوا منه قبل الاختلاط، والذين سمعوا منه بعده، ليميزوا صحيح حديثه من سقيمه"(السلسة الضعيفة ، (١٦٥/٣)
نأتي لصاحبنا الصدوق عبد العزيز بن خالد ، فلا نعرف هل سمع منه قبل الاختلاط أم بعده ، فعلى هذا فروايته هنا مردودة.
ونأتي لمن خالفوه وهم:
١- يزيد بن زريع
٢-ومحمد بن بشر
٣-عيسى بن يونس
٤-عبد العزيز بن عبد الصمد
فقد نصوا الأئمة على أنهم سمعوا منه قبل الاختلاط ، بل كان ابن زريع مقدم في ابن أبي عروبة تقديما عظيما ، وسوف أسوق بعض كلامهم.
١-يزيد بن زريع.
قال ابن رجب: "وقد أكثر الأئمة السماع منه قبل الاختلاط.
منهم: يزيد بن زريع، قاله الإمام أحمد.
وقال ابن عدي: اثبت الناس يزيد بن زريع، وخالد بن الحارث ويحيى بن سعيد" (شرح العلل ، (٧٤٣/٢)
ولما سئل الدارقطني عن أثبت أصحاب سعيد ابن أبي عروبة؟ قال: يزيد بن زريع .." (سؤالات ابن بكير للدارقطني ، (ص٥٧).
فبدأ بيزيد أولا.
وقال أبو داود: يزيد أثبت الناس في سعيد"(سؤالات الآجري ، (رقم ١٤٣٧)
وقال احمد: "سمعت أحمد قيل له تفسير قتادة قال إن كتبته عن يزيد بن زريع عن سعيد فلا تبالي أن لا تكتبه عن أحد"(سؤالات أبي داود ، (ص٣٤٧).
وقال أحمد: "رواه يزيد بن زريع عن سعيد فلا تبال أن لا تسمعه من أحد ، سماعه من سعيد قديم وكان يأخذ الحديث بنية."(الكامل لابن عدي ، (٤٤٦/٤)
وقال احمد: "سمعت أبي يقول كان يزيد بن زريع يحفظ أصناف سعيد بن أبي عروبة" (العلل ، ٣٥٧/٢)
٢-محمد بن بشر.
وقال احمد وهو يذكر احسن الرواة سماعا من سعيد : "مثل محمد بن بشر وعبدة فهو جيد"(العلل ، (١٦٣/١)
وقال أبو داود: "ومحمد بن بشر العبدي وسماعه بالكوفة مع عيسى بن يونس، ولم يذكروا القنوت"(٦٤/٢)
لأن ابن أبي عروبة لما دخل الكوفة لم يكن مختلطا حتى خرج منها.
قال الإمام أحمد: "قال من سمع منه بالكوفة مثل محمد بن بشر وعبدة فهو جيد"(العلل ومعرفة الرجال ،(١٦٣/١)
وقال عبد الله بن أحمد: "سألت أبي أيما أحب إليك في سعيد الخفاف أو أسباط بن محمد فقال أسباط أحب إلي لأنه سمع بالكوفة"(العلل ومعرفة الرجال ، (٣٠٢/٣)
وقال المروذي: وسألته قلت سعيد بن أبي عروبة حين قدم الكوفة سمعوا منه وهو مختلط قال لا سماعه جيد لم يكن مختلطا"(ص١٠٥)
٣-عيسى بن يونس
"قال أبو داود: قلت لأحمد: سماع عيسى من ابن أبي عروبة؟ قال: سماعه جيد بالكوفة"(سؤالات أبي داود ، (ص٣٨٢).
وقال أبو داود: "ومحمد بن بشر العبدي وسماعه بالكوفة مع عيسى بن يونس، ولم يذكروا القنوت"(٦٤/٢)
لأن ابن أبي عروبة لما دخل الكوفة لم يكن مختلطا حتى خرج منها.
قال الإمام أحمد: "قال من سمع منه بالكوفة مثل محمد بن بشر وعبدة فهو جيد"(العلل ومعرفة الرجال ،(١٦٣/١)
وقال عبد الله بن أحمد: "سألت أبي أيما أحب إليك في سعيد الخفاف أو أسباط بن محمد فقال أسباط أحب إلي لأنه سمع بالكوفة"(العلل ومعرفة الرجال ، (٣٠٢/٣)
وقال المروذي: وسألته قلت سعيد بن أبي عروبة حين قدم الكوفة سمعوا منه وهو مختلط قال لا سماعه جيد لم يكن مختلطا"(ص١٠٥)
٤-عبد العزيز بن عبد الصمد
عن يحيى بن معين انه سئل عن يزيد بن زريع وعبد العزيز بن عبد الصمد العمى ايهما يقدم؟ قال: يزيد اوثق"(الجرح والتعديل لابن ابي حاتم (٢٦٤/٩)
وهذا يدل على قوة عبد العزيز حتى أنه يقارن بيزيد بن زريع . وهذا إن لم يكن صريحا في روايته عن ابن أبي عروبة قبل الاختلاط ، إلا أنه قد يكون راجحا عند النظر.
فأين عبد العزيز بن خالد الصدوق الذين لم نجد فيه توثيقا في نفسه تطمئن إليه النفس ، فضلا عن عدم معرفتنا لروايته عن سعيد هل كانت قبل الاختلاط أو بعده ، فضلا عن مخالفته لهولاء الثقات ، الذين ثبتت روايتهم عن سعيد قبل الاختلاط واعتمدها الأئمة ؟!
[ وهذه نماذج من تعامل العلامة الألباني مع المختلط ]
قال: قلت: وهذا من المرجحات لرواية الإرسال لأن ابن أبى زائدة وهو يحيى بن زكريا بن أبى زائدة الذى وصله لا ندرى سمع منه قبل الاختلاط أو بعده"( الارواء ، (١٦١/٤)
قال الالباني: "يزيد بن زريع عن سعيد بن أبي عروبة،
ويزيد هذا قال إبراهيم بن محمد بن عرعرة: لم يكن أحد أثبت منه وقال أحمد:
ما أتقنه وما أحفظه! يا لك من صحة حديث صدوق متقن، قال: وكل شيء رواه يزيد
بن زريع عن سعيد بن أبي عروبة فلا تبال أن لا تسمعه من أحد سماعه منه قديم ".
قلت: فهذا يرجح أن المحفوظ عن سعيد إنما هو بلفظ " أحد "، لأنه حدث به سعيد
قبل اختلاطه" (السلسلة الصحيحة ، (٥٣٣/٢)
وقال أيضا: "عطاء بن السائب كان اختلط , وقد روى حماد عنه بعد الاختلاط كما شهد بذلك جماعة من الحفاظ , فسماعه منه قبل ذلك كما قال آخرون لا يجعل حديثه عنه صحيحا بل ضعيفا لعدم تميز ما رواه قبل الاختلاط عما رواه بعد الاختلاط" (إرواء الغليل ، (١٦٧/١)
وقال: "عطاء بن السائب كان اختلط , وحماد ـ وهو ابن سلمة ـ روى عنه قبل الاختلاط وبعده , فلا يحتج بحديثه عنه حتى يتبين فى أى الحالين رواه عنه"(الإرواء ، (١٢٤/٢)
وقال: "وهذا الأثر لا يدرى هل سمعه الدارمي منه قبل الاختلاط أو بعده، فهو إذن غير مقبول، فلا يحتج به"(التوسل ، (ص١٢٧)
فنخلص من هذا أن رواية عبد العزيز بن خالد بدون الضعف والمخالفة لاتصح أصلا فكيف إذا ضم لها مافيه من ضعف ومخالفة
وأخيرا:
قد يجيب من يصحح هذه الرواية
١- بأن هذا الحديث مختصر
وأيضا شبهة الاختصار يمكن القول بها لو أن المخالفين ذكروا كلمة من الحديث او شيئا قليلا منه حتى يمكن القول أنهم اختصروه ، واما ان يذكروا الحديث كاملا الا هذه اللفظة او بعض اللفظات كالقنوت فلا تَرِد شبهة الاختصار
٢-ولا يلزم تتبع كل لفظة فيه.
وهذا الكلام قد يكون صحيحا لو كان المخالف من الثقات المشهورين بالرواية ، ولكن مثل حالة عبد العزيز ورتبته لا تسمح بذلك
٣-أن هذه ليست مخالفة ولكنه ذكر مالم يذكره غيره
ذكر مالم يذكره الثقات عند علماء الحديث تُعد من قبيل المخالفة وخاصة إذا خالف قليل الضبط الثقات ، وعباراتهم كثيرة في هذا الباب
٤-ليست كل مخالفة تُعد شاذة
وهذ الكلام صحيح ، فالحكم بشذوذ الرواية ليس قولا واحد ويحمل عليه الباحث من خالفوه ، لأنها في النهاية نظر وبحث وسبر ومقارنات وقرائن ، ولكن نقول نعم ليس كل مخالفة تُعد شاذة ، إذا كانت المخالفة من متقاربين.
٥-مالداعي لذكر شذوذ هذه الرواية(جعل التسليم في آخرها) وهي إنما تقرر حكم متفق عليه وهي صلاة الوتر موصولة.
لو كان الحكم متفق عليه يمكن أن يكون الكلام صحيحا.
أولا: وجدنا علماء الحديث حكموا على زيادات بالشذوذ وحكمها متفق عليه ، فالحكم بالشذوذ ليس له علاقة بحكم المسألة فقهيا وإنما علاقته بمعرفة هل صحت هذه اللفظة عن هذا الشيخ أولا ، بغض النظر عن الحكم الفقهي.
ثانيا: ليس هذا الحكم متفق عليه بل هناك من كره الوتر بثلاث موصولة حكى محمد ابن نصر المروزي أن بعض الصحابة والتابعين كرهوا الوتر بثلاث موصولة فقال: "وكرهغير واحد من الصحابة والتابعين الوتر بثلاث بلا تسليم في الركعتين كراهة أن يشبهوا التطوع بالفريضة"(ص٢٩٧ مختصر قيام الليل)
فمن يأخذ بهذا القول له الحق أن يعتم من هذه الزيادة في الحديث.
هذا البحث فيه بلا شك اخطاء وأغلاط فرحم الله من قوَّمه وأعان على تصحيحه
ولعل الله ييسر أن تتم دراسة غيره من الطرق
أهم النتائج:
١-عبد العزيز بن خالد أحسن أحواله أنه صدوق
٢-المخالفون له من الثقات المختصين بابن أبي عروبة
٣-اختلاط ابن أبي عروبة متفق عليه بين المحدثين
٤--رواية عبد العزيز بن خالد عن ابن أبي عروبة لا تصح ولو لم يخالفه أحد حتى يصرح إمام من الأئمة أنه سمع منه قبل الاختلاط وهذا مالا يوجد
وفي الختام: هذا البحث ليس موجها لأحد دون الآخر ، وإنما ذكرته لأستفيد من إخواني جزاهم الله خيرا وأستفيد من تصويباتهم ، ولا أدعي فيه الكمال بل الذي أعتقده أن فيه خلل ونقص وقصور نسال الله السلامة والعافية ، وبعض الكلام قد ذكرته استطرادا للفائدة فقط
والله أعلم
_______________________________________
الرواية الثانية: بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم تسليما مزيدا. أما بعد:
فهذا بحث مختصر متعلق فقط برواية (زبيد) والاختلاف عليه من حيث تحقيق ثبوت التسليم في آخر صلاة الوتر بثلاث ركعات موصولة.
[ شذوذ رواية (زبيد) بذكر الشاهد وهو (جعل التسليم في آخر الوتر بثلاث ركعات موصولة ]
وذلك من أربع جهات:
الجهة الأولى: دراسة الإسناد.
رواية زبيد والاختلاف عليه:
القسم الأول: [ من رواه عن زبيد بدون ذكر الشاهد]
رواه عن زبيد (١٤) راوي بدون ذكر الشاهد:
١-ابو حنيفة (الآثار لأبي يوسف ، (٧٠/١)
٢-الثوري(مصنف عبد الرزاق ، (٣٢/٣) وابن أبي شيبة عن وكيع عنه (٩٣/٢)
٣-عبد الملك ابن أبي سليمان (سنن النسائي ، ( ٢٤٥/٣) و (مصنف ابن أبي شيبة ، (٩٣/٢)
٤-مالك بن مغول (سنن النسائي، (٢٤٦/٣)
٥-محمد ابن جحادة (سنن النسائي ، (٢٤٦/٣)
٦-شعبة(مسند أحمد ، (٧٥/٢٤-٧٦) و (سنن النسائي الكبرى ، ١٦٨/٢)
٧-جرير بن حازم(مسند أحمد ، (٨٠/٣٥)
٨-الأعمش(مسند أحمد، (٧٨/٣٥)
٩-فطر ابن خليفة (سنن الدارقطني ، (٣١/٢)
١٠-هاشم بن سعيد (مسند البزار ،(٢٩٩/٨)
١١-عمرو بن قيس (معجم الصحابة لابن قانع ، (١٤٩/٢) و (معجم الطبراني الأوسط ، (٢١١/١)
١٢-أبو جعفر الرازي (مجالس ابن مندة ، (ص١٥) [وهذا والله أعلم خطأ فلعله قد سقط منه الأعمش بين أبي جعفر الرازي وزبيد فإن كل الرواة يذكرونه عن أبي جعفر عن الأعمش عن زبيد ، وهي الرواية المشهورة في بطون كتب السنة]
١٣-محمد بن طلحة (شرح معاني الآثار ، (٢٩٢/١)
١٤-محمد بن ميسر(مسند أبي حنيفة (ص١٠٩)
[من رواه عن زبيد بذكر الشاهد]
رواه راوي واحد عن زبيد وهو (مسعر) واختلف في الإسناد إليه فبعضهم ذكره بالشاهد والبعض الآخر لم يذكره.
الإسناد الذي جاء فيه ذكر الشاهد
أبو حاتم الرازي عن عمر بن حفص بن غياث عن أبيه عن مسعر عن زبيد...
فمدار الحديث على على الإمام المشهور "أبي حاتم"
واختُلِف عليه ، وإليك التفصيل:
أولا: [ من ذكر الشاهد ].
رواه بذكر الشاهد عن أبي حاتم ثلاثة:
١-الهيثم بن كليب الشاشي كما في مسنده (الشاشي ، (٣٢٤/٣)
٢-محمد بن الحسن بن علي البخاري (مشكل الآثار ، (٣٦٨/١١)
٣-مجهول.
لأن الطحاوي لما ساق السند قال: حدثني محمد بن الحسن وغيره....
ثانيا: [ من رواه بدن الشاهد].
رواه الإمام ابن المنذر عن أبي حاتم بدون ذكر الشاهد (الأوسط لابن المنذر ، (٢٠٣/٥)
[المقارنة بين الروايتين]
عندنا إمامان حافظان ابن المنذر والشاشي ، وإن كان ابن المنذر أجل وأوثق من الشاشي ، فابن المنذر لم يذكر الشاهد عن أبي حاتم ، وذكره الشاشي عنه.
وأما محمد بن الحسن فلم أعرفه ولم أجد له (حسب علمي القاصر) ترجمة ، فجزى الله خيرا من أعان على معرفته ، فهو في عداد المجهولين ، وكذا رقم (٣) فإنه مجهول.
والذي تطمئن له نفسي هي رواية ابن المنذر لجلالته ، والذي أراه أن الرؤية فيها والترجيح متكافئ ، وإنما رجحت رواية ابن المنذر لجلالته وموافقته ل (١٤) راو من الثقات لم يذكروها.
وهناك متابعة لأبي حاتم في ذكر الشاهد ، وهي رواية "محمد بن يونس الكديمي" رواها عن: "عمر بن حفص ..."ولكن لا يُفرح بهذه الرواية لأنه كذاب.
رواها (البيهقي(٥٨/٣)
قال الألباني: "ثم رأيت البيهقي (٣/٤٠- ٤١) قد وصله من طريق محمد بن يونس عن عمر
ابن حفص بن غياث: ثنا أبي عن مسعر ... به.
ومحمد بن يونس: هو الكديمي، متهم"(الإرواء ، (١٧١/٥).
الجهة الثانية: حال حفص بن غياث.
حفص بن غياث رماه أحمد والدارقطني بالتدليس(تهذيب التهذيب ، ٤١٧/٢)
وهو في هذا السند لم يصرح بالسماع ، وقد نبه أبو داود على ذلك ، وتخوف أن يكون حفص قد دلسه عن غير مسعر.
قال أبو داود: «وليس هو بالمشهور من حديث حفص نخاف أن يكون، عن حفص، عن غير مسعر" (سنن أبي داود ، (٦٤/٢)
الجهة الثالثة: تعليل بعض العلماء لرواية حفص بن غياث عن مسعر.
ومما يدل على تعليل الأئمة لهذه الرواية (رواية التسليم) ، من طريق حفص عن مسعر ..أنهم قد أعلو بعض روايات الحديث بسبب مشابه لما نحن فيه ، فأعلو ذكر القنوت فيه ، وذكر القنوت فيه أكثر طرق وأشهر من ذكر التسليم في آخره ، وأعلوه بذكر الصحابي "أُبي" فيه ، وذكره في الإسناد أشهر وأكثر بمراحل من رواية التسليم في آخره ، بل إن أقل الروايات على الإطلاق طرق وقوة هي رواية التسليم في آخر الوتر ، فكل الروايات والألفاظ سواء التي أعلوها الأئمة أو لم يتعرضوا لها بشيء فهي كلها أقوى وأكثر مخارج من رواية التسليم في آخر الوتر ، ولننتقل لكلام الأئمة في تضعيف هذه الرواية .
أولا: من نص على رواية مسعر عن زبيد:
١-قال أبو داود: "لم يذكر أحد منهم القنوت إلا ما روي عن حفص بن غياث، عن مسعر، عن زبيد، فإنه قال في حديثه: إنه قنت قبل الركوع، قال أبو داود: «وليس هو بالمشهور من حديث حفصنخاف أن يكون، عن حفص، عن غير مسعر"(٦٣/٢)
٢-قال أبو علي الحافظ: لم يسنده غير مخلد يعني ابن يزيد، إن كان حفظه، وروى وكيع وابن المبارك وأبو نعيم وغيرهم عن الثوري عن زبيد عن ذر عن سعيد بمعناه ولم يذكروا أبي بن كعب قال البيهقي: ولم يذكروا أيضا القنوت قبل الركوع وروي عن فطر عن زبيد عن سعيد، وعن مسعر عن زبيدعن سعيد بمعناه وزيادة، قال أبو علي: وكلاهما وهم، وزبيد إنما سمعه من ذر بن عبد الله عن سعيد عن أبيه دون ذكر أبي قال البيهقي: ودون ذكر القنوت، وحدثنا عيسى بن يونس عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن عروة عن سعيد وهم رواة شعبة وغيره عن قتادة دون ذكر أبي فيه ودون ذكر القنوت.(مختصر خلافات البيهقي ، (٢٨٣/٢)
٣-قال الإمام أبو القاسم الحنائي صاحب الحنائيات: "ورواه أبو حاتم الرازي عن عمر بن حفص بن غياث عن أبيه عن مسعر عن زبيداليامي عن ذر وذكر فيه أبي بن كعب
وحديث شعبة وعبد الرزاق عن سفيان أقرب إلى الصواب والله أعلم" (فوائد الحنائي ، (٥٤٤/١)
٤-قال البيهقي: "قد ذكر أبو داود رواية عيسى بن يونس، عن ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه، عن أبي بن كعب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «قنت في الوتر قبل الركوع»
ورواية عيسى، عن فطر بن خليفة، عن زبيد، عن سعيد، مثله ، ورواية حفص بن غياث، عن مسعر، عن زبيد، عن سعيد ثم ضعف هذه الروايات، واستشهد بمخالفتها رواية جماعة يزيد عددهم على هؤلاء دون ذكر القنوت"(معرفة السنن والآثار ، (٨٨/٤)
[من أعل رواية القنوت بذكر إسناد معين]
الإمام النسائي أعل كذلك رواية القنوت عن زبيد ، فقال: "وقد روى هذا الحديث غير واحد عن زبيد فلم يذكر أحد منهم فيه: "ويقنت قبل الركوع"(١٦٧/٢)
[ من أعل كل روايات القنوت دون ذكر إسناد بعينه ]
وقال أحمد في رواية ابنه عبد الله: أختار القنوت بعد الركوع، إن كل شيء ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في القنوت، إنما هو في الفجر لما رفع رأسه من الركوع، وقنوت الوتر أختاره بعد الركوع، ولم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في قنوت الوتر قبل أو بعد شيء. وقال الخلال: أخبرني محمد بن يحيى الكحال، أنه قال لأبي عبد الله في القنوت في الوتر. فقال: ليس يروى فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء، ولكن كان عمر يقنت من السنة إلى السنة.(زاد المعاد ، (٣٢٣/١)
قال الخلال عن أحمد: لا يصح فيه شيء، ولكن عمر كان يقنت(الإرواء ، (١٦٨/٢)
إشكال: هل تتبع ألفاظ هذا الحديث سواء في السند أو المتن طريقة سليمة؟ فقد يكون الحديث مختصر.
الجواب: وجدنا الأئمة في هذا الحديث نقدوا ألفاظا في المتن وأخرى في السند ، وبعضها أصلا غير مؤثر ، وإليك البيان:
نقد المتن:
١-إعلال رواية القنوت كما مر معنا عن أحمد وأبي داود وأبي علي الحافظ والحنائي ، ونزيد هنا قول ابن خزيمة: "نا بندار، نا محمد بن جعفر، نا شعبة قال: سمعت ابن أبي مريم؛ وثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني، نا يزيد بن زريع، نا شعبة؛ ح وثنا أبو موسى، نا محمد بن جعفر، ثنا شعبة، عن بريد بن أبي مريم، عن أبي الحوراء قال:
سألت الحسن بن علي ما تذكر من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: كان يعلمنا هذا الدعاء: "اللهم اهدني فيمن هديت"، بمثل حديث وكيع في الدعاء، ولم يذكر القنوت، ولا الوتر.
وشعبة أحفظ من عدد مثل يونس بن أبي إسحاق. وأبو إسحاق لا يعلم أسمع هذا الخبر من بريد أو دلسه عنه، اللهم إلا أن يكون كما يدعي بعض علمائنا أن كل ما رواه يونس عن من رواه عنه أبوه أبو إسحاق هو مما سمعه يونس مع أبيه ممن روى عنه"
ثم قال: "ولو ثبت الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بالقنوت في الوتر، أو قنت في الوتر لم يجز عندي مخالفةخبر النبي صلى الله عليه وسلم، ولست أعلمه ثابتا" (٥٤٤/١)
وقال أيضا: "قال أبو بكر: ولست أحفظ خبرا ثابتا عن النبي صلى الله عليه وسلم في القنوت في الوتر، وقد كنت بينت في تلك المسألة علة خبر أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذكر القنوت في الوتر وبينت أسانيدها، وأعلمت في ذلك الموضع أن ذكر القنوت في خبر أبي غير صحيح، على أن الخبر عن أبي أيضا غير ثابت في الوتر بثلاث"(٥٤٣/١)
بل جعل ابن خزيمة أعلى شي في قنوت الوتر هو أثر عن الصحابة ، فقال: "وأعلى خبر يحفظ في القنوت في الوتر عن أبي بن كعب في عهد عمر بن الخطاب موقوفا أنهم كانوا يقنتون بعد النصف، يعني من رمضان" (٤٤٦/١)
نقد السند:
١-إعلال رواية ذكر "أبي بن كعب" فقد قال أحمد"والحديث يصير إلى ابن أبزى"(تاريخ بغداد ، (٢٩٧/٩) ، وكذا قال الدارقطني: " وسئل عن حديث زرارة بن أوفى، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوتر بثلاث بـ {سبح اسم ربك الأعلى} و {قل يأيها الكافرون} ، و {قل هو الله أحد} .
فقال: يرويه قتادة واختلف عنه؛
فرواه الحجاج، عن قتادة، عن زرارة، عن أبي هريرة.
ورواه شعبة، عن قتادة، عن زرارة، عن ابن أبزى، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقول شعبة أشبه بالصواب"(٩٤/٩)
وكما مر معنا عن أبي علي الحافظ والحنائي
٢-إعلال رواية ذكر "ذر" كما فعل النسائي فلما ذكر رواية
(قاسم و محمد بن عبيد) عن سفيان، عن زبيد، عن سعيد ...
بإسقاط اسم "ذر" ، وذكر بعدها رواية : عن أبي نعيم، عن سفيان، عن زبيد، عن ذر، عن سعيد ..." بذكر اسم "ذر" قال النسائي: "أبو نعيم أثبت عندنا من محمد بن عبيد، ومن قاسم بن يزيد" (٢٥٠/٣)
الجهة الرابعة: إعلال الأئمة لكل روايات الوتر بثلاث ركعات موصولة.
وهذه الجهة مهمة جدا ، حيث يكون لك سلف في إعلال روايات الوتر بثلاث ركعات موصولة ، ومن هولاء الأئمة:
١-محمد بن نصر المروزي ، قال: " لم نجد عن النبي صلى الله عليه وسلم خبرا ثابتا صريحا أنه أوتر بثلاث موصولة نعم ثبت عنه أنه أوتر بثلاث لكن لم يبين الراوي هل هي موصولةأو مفصولة"(فتح الباري ، ٤٨١/٢)
٢-الإمام ابن خزيمة.
قال ابن خزيمة: "وقد أمليت في المسألة التي كنت أمليتها على بعض من اعترض على أصحابنا أن الوتر بركعة غير جائز، الأخبار التي رويت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الوتر بثلاث، وبينت عللها في ذلك الموضع" (صحيح ابن خزيمة ، (٥٤٣/١)
بل قد خص ابن خزيمة حديث أبي بن كعب بدراسة متخصصة ، وذكر أنه لم يصح فيه الوتر بثلاث موصولة ، فقال: "وقد كنت بينت في تلك المسألة علة خبر أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذكر القنوت في الوتر وبينت أسانيدها، وأعلمت في ذلك الموضع أن ذكر القنوت في خبر أبي غير صحيح، على أن الخبر عن أبي أيضا غير ثابت في الوتر بثلاث" (٥٤٣/١)
٣-ابن المنذر.
فإنه في كتابه ((الأوسط)) ذكر الذي ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصفات الموصولة في الوتر ، ولم يذكر الثلاث ، بل قال وقال بعضهم يوتر بثلاث موصولة: "فنحن وإن كنا نرى الوتر ركعة، فقد قال غيرنا: يوتر بثلاث.....قال أبو بكر: وقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوتر بخمس، لم يجلس إلا في آخرهن، وأوتر بسبع وثبت أنه أوتر بتسع لا يقعد فيهن إلا عند الثامنة، ثم قعد فيالتاسعة، فبأي فعل مما جاء به الحديث من أفعال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الوتر [ص: ١٨٨] فعله رجل فقد أصاب السنة غير أن الأكثر من الأخبار والأعم منها أنه سئل عن صلاة الليل فقال: «مثنى مثنى، فإذا خفت الصبح فأوتر بواحدة» ، وإن شاء المصلي صلى ركعتين ركعتين، وإذا أراد أن يوتر بثلاث صلى ركعتين، قرأ في الأولى منها بـ سبح اسم ربك الأعلى، وفي الثانية بـ قل يا أيها الكافرون، ثم يسلم ويأتي بالركعة الثالثة، ويقرأ فيها قل هو الله أحد والمعوذتين"(١٨٧/٥).
وهذا دليل على أنها لم تصح عنده الثلاث موصولة وإلا لذكرها كما ذكر غيرها ، وهذا واضح.
أهم النتائج:
١-ما يجاوز (١٠) من الرواة فيهم الثبت الثقة كالثوري وشعبة وغيرهم لم يذكروا الشاهد
٢-الذي تفرد بذكر الشاهد راو واحد ، وقد اختلف عليه في ذكر الشاهد اختلافا يقرب من التكافؤ
٣-الذين لم يذكروا الشاهد لم يختلف عليهم.
٤-السند الذي فيه ذكر الشاهد فيه مدلس لم يصرح بالسماع
٥-سند الشاهد شكك في صحته إمام من الأئمة وهو أبو داؤد
٦-العلماء ضعفوا زيادات في سند هذا الحديث ومتنه هي خير حال من روايتنا المدروسة بلا خلاف
٧-تنصيص إمامين من أئمة هذا الشأن بضعف وعلل روايات الوتر بثلاث ركعات موصولة.
وفي الختام: يظهر جليا تعليل رواية التسليم في آخر الوتر بثلاث ركعات موصولة كما حكم بذلك محمد بن نصر المروزي ، وابن خزيمة..
بارك الله فيك يا أبا محمد سلمت أناملك على هذا البحث الطيب
ردحذف